( إذا وقعت الواقعة ) إذا قامت القيامة . وقيل : إذا نزلت صيحة القيامة وهي النفخة الأخيرة .
( ليس لوقعتها ) لمجيئها ( كاذبة ) كذب كقوله : " لا تسمع فيها لاغية " ( الغاشية - 11 ) أي : لغوا يعني أنها تقع صدقا وحقا . و " الكاذبة " اسم كالعافية والنازلة .
( خافضة رافعة ) تخفض أقواما إلى النار ، وترفع آخرين إلى الجنة . وقال عطاء عن ابن عباس : تخفض أقواما كانوا في الدنيا مرتفعين ، وترفع أقواما كانوا في الدنيا مستضعفين .
( إذا رجت الأرض رجا ) حركت وزلزلت زلزالا قال الكلبي : إن الله إذا أوحى إليها اضطربت فرقا . قال المفسرون : ترج كما يرج الصبي في المهد حتى ينهدم كل بناء عليها وينكسر كل ما عليها من الجبال وغيرها ، وأصل " الرج " في اللغة : التحريك يقال : رججته فارتج .
( وبست الجبال بسا ) [ قال عطاء ومقاتل ومجاهد ] فتت فتا فصارت كالدقيق المبسوس وهو المبلول . قال سعيد بن المسيب والسدي : كسرت كسرا . وقال الكلبي : سيرت على وجه الأرض تسييرا . قال الحسن : قلعت من أصلها فذهبت ، نظيرها : " فقل ينسفها ربي نسفا " ( طه - 105 ) . قال ابن كيسان : جعلت كثيبا مهيلا بعد أن كانت شامخة طويلة .
( فكانت هباء منبثا ) غبارا متفرقا كالذي يرى في شعاع الشمس إذا دخل الكوة وهو الهباء .
"وكنتم أزواجاً"، أصنافاً، "ثلاثة".
( فأصحاب الميمنة ) هم الذين يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة . وقال ابن عباس : هم الذين كانوا على يمين آدم حين أخرجت الذرية من صلبه ، وقال الله تعالى لهم : هؤلاء في الجنة ولا أبالي . وقال الضحاك : هم الذين يعطون كتبهم بأيمانهم . وقال الحسن والربيع : هم الذين كانوا ميامين مباركين على أنفسهم وكانت أعمارهم في طاعة الله ، وهم التابعون بإحسان ثم عجب نبيه - صلى الله عليه وسلم - فقال : ( ما أصحاب الميمنة ) وهذا كما يقال : زيد ما زيد ! يراد : زيد شديد .
( وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة ) يعني أصحاب الشمال ، والعرب تسمي اليد اليسرى الشؤمى ومنه يسمى الشام واليمن ؛ لأن اليمن عن يمين الكعبة والشام عن شمالها ، وهم الذين يؤخذ بهم ذات الشمال إلى النار .
وقال ابن عباس : هم الذين كانوا على شمال آدم عند إخراج الذرية ، وقال الله لهم : هؤلاء في النار ولا أبالي .
وقال الضحاك : هم الذين يؤتون كتبهم بشمالهم . وقال الحسن : هم المشائيم على أنفسهم وكانت أعمارهم في المعاصي .
( والسابقون السابقون ) قال ابن عباس : السابقون إلى الهجرة هم السابقون في الآخرة . وقال عكرمة : السابقون إلى الإسلام . قال ابن سيرين : هم الذين صلوا إلى القبلتين ، دليله : قوله : " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار " ( التوبة - 100 ) .
قال الربيع بن أنس : السابقون إلى إجابة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا هم السابقون إلى الجنة في العقبى .
وقال مقاتل : إلى إجابة الأنبياء بالإيمان .
وقال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه : إلى الصلوات الخمس . وقال الضحاك : إلى الجهاد .
وقال سعيد بن جبير : هم المسارعون إلى التوبة وإلى أعمال البر . قال الله تعالى : " سابقوا إلى مغفرة من ربكم " ( الحديد - 21 ) " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم " ( آل عمران - 133 )
ثم أثنى عليهم فقال : أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون " قال ابن كيسان : والسابقون إلى كل ما دعا الله إليه .
وروي عن كعب قال : هم أهل القرآن المتوجون يوم القيامة . وقيل : هم أولهم رواحا إلى المسجد وأولهم خروجا في سبيل الله . وقال القرظي : إلى كل خير .
"أولئك المقربون"، من الله.
"ثلة من الأولين"، أي من الأمم الماضية من لدن آدم عليه السلام إلى زمان نبينا صلى الله عليه وسلم والثلة: جماعة غير محصورة العدد.
( وقليل من الآخرين ) يعني من هذه الأمة . قال الزجاج : الذين عاينوا جميع النبيين من لدن آدم - عليه الصلاة والسلام - وصدقوهم أكثر ممن عاين النبي - صلى الله عليه وسلم - .
"على سرر موضونة"، منسوجة كما توضن حلق الدرع فيدخل بعضها في بعض. قال المفسرون: هي موصولة منسوجة بالذهب والجواهر. وقال الضحاك: موضونة مصفوفة.