وأما معنى قوله: " لا اله إلا هو "، فإنه خبرٌ من الله جل وعز، أخبرَ عبادَه أن الألوهية خاصةٌ به دون ما سواه من الآلهة والأنداد، وأن العبادة لا تصلحُ ولا تجوز إلا له لانفراده بالربوبية، وتوحُّده بالألوهية، وأن كل ما دونه فملكه، وأنّ كل ما سواه فخلقه، لا شريك له في سلطانه ومُلكه = (4) احتجاجًا منه تعالى ذكره عليهم بأن ذلك إذْ كان كذلك، فغيرُ جائزة لهم عبادةُ غيره، ولا إشراك أحد معه في سلطانه، إذ كان كلّ معبود سواه فملكه، وكل معظَّم غيرُه فخلقهُ، وعلى المملوك إفرادُ الطاعة لمالكه، وصرفُ خدمته إلى مولاه ورازقه = ومعرِّفًا مَنْ كان مِنْ خَلقه (5) يَوم أنـزل ذلك إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بتنـزيله ذلك إليه، وإرساله به إليهم على لسانه صلوات الله عليه وسلامه - (6) مقيمًا على عبادة وثن أو صنم أو شمس أو قمر أو إنسي أو مَلَك أو غير ذلك من الأشياء التي كانت بنو آدم مقيمةً على عبادته وإلاهته (7) - (8) ومتَّخذَه دون مالكه وخالقه إلهًا وربًّا = (9) أنه مقيم على ضلالة، ومُنعدلٌ عن المحجة، (10) وراكبٌ غير السبيل المستقيمة، بصرفه العبادة إلى غيره، ولا أحدَ له الألوهية غيره.
* * *
قال أبو جعفر: وقد ذُكر أن هذه السورة ابتدأ الله بتنـزيله فاتحتها بالذي ابتدأ به: من نفي" الألوهية " أن تكون لغيره، ووصفه نفسه بالذي وصَفها به في ابتدائها، احتجاجًا منه بذلك على طائفة من النصارى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من نَجْرَان فحاجُّوه في عيسى صلوات الله عليه، وألحدوا في الله. فأنـزل الله عز وجل في أمرهم وأمر عيسى من هذه السورة نيفًا وثمانين آية من أولها، (11) احتجاجًا عليهم وعلى من كان على مثل مقالتهم، لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم، فأبوا إلا المقام على ضلالتهم وكفرهم، فدعاهم إلى المباهلة، فأبوا ذلك، وسألوا قَبول الجزية منهم، فقبلها صلى الله عليه وسلم منهم، وانصرفوا إلى بلادهم.
غير أن الأمر وإن كان كذلك، وإياهم قصد بالحِجاج، فإن من كان معناه من سائر الخلق معناهم في الكفر بالله، واتخاذ ما سوى الله ربًّا وإلهًا ومعبودًا، معمومون بالحجة التي حجّ الله تبارك وتعالى بها من نـزلت هذه الآيات فيه، ومحجوجون في الفُرْقان الذي فَرَق به لرسوله صلى الله عليه وسلم بينه وبينهم. (12)
* * *
ذكر الرواية عمن ذكرنا قوله في نـزول افتتاح هذه السورة أنه نـزل في الذين وصفنا صفتهم من النصارى:-
6543 - حدثنا محمد بن حميد قال، حدثنا سلمة بن الفضل قال، حدثني محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نجران: (13) ستون راكبًا، فيهم أربعة عشرَ رجلا من أشرافهم، في الأربعة عشر ثلاثةٌ نفر إليهم يؤول أمرُهم: " العاقب " أميرُ القوم وذو رأيهم وصاحبُ مشورتهم، والذي لا يصدرون إلا عن رأيه، واسمهُ" عبد المسيح " = و " السيد " ثِمالهم وصاحب رَحْلهم ومجتمعهم، واسمه " الأيهم " = (14) وأبو حارثة بن علقمة أخو بكر بن وائل، أسقفُّهم وحَبْرهم وإمامهم وصاحبُ مِدْرَاسهم. (15) وكان أبو حارثة قد شرُف فيهم ودَرَس كتبهم حتى حسن علمه في دينهم، فكانت ملوك الروم من أهل النصرانية قد شرفوه وموّلوه وأخدَموه، وبنوا له الكنائس، وبسطوا عليه الكرامات، لما يبلغهم عنه من علمه واجتهاده في دينهم. (16) قال ابن إسحاق قال، محمد بن جعفر بن الزبير: (17) قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فدخلوا عليه في مسجده حين صلى العصر، عليهم ثيابُ الحِبَرَات جُبب وأرْدية، في [جمال رِجال] بَلْحارث بن كعب= (18) قال: يقول بعض من رآهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ: ما رأينا بعدهم وفدًا مثلهم! = وقد حانت صلاتهم فقاموا يصلون في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:دعوهم! فصلوا إلى المشرق.
= قال: وكانت تسمية الأربعة عشر منهم الذين يؤول إليهم أمرهم: " العاقب "، وهو " عبد المسيح "، والسيد، وهو " الأيهم "، و " أبو حارثة بن علقمة " أخو بكر بن وائل، وأوس، والحارث، وزيد، وقيس، ويزيد، ونُبيه، وخويلد، وعمرو، (19) وخالد، وعبد الله. ويُحَنَّس: في ستين راكبًا. فكلم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم منهم: " أبو حارثة بن علقمة "، و " العاقب "، عبد المسيح، و " الأيهم " السيد، وهم من النصرانية على دين الملك، (20) مع اختلاف من أمرهم. يقولون: " هو الله "، ويقولون: " هو ولد الله "، ويقولون: " هو ثالث ثلاثة "، وكذلك قول النصرانية.
فهم يحتجون في قولهم: " هو الله "، بأنه كان يُحيي الموتى، ويبرئ الأسقام، ويخبر بالغيوب، ويخلق من الطين كهيئة الطير، ثم ينفخ فيه فيكون طائرًا، وذلك كله بإذن الله، ليجعله آية للناس. (21)
ويحتجون في قولهم: " إنه ولد الله "، أنهم يقولون: " لم يكن له أب يُعلم، وقد تكلم في المهد، شيءٌ لم يصنعه أحد من ولد آدم قبله ". (22)
ويحتجون في قولهم: " إنه ثالث ثلاثة "، بقول الله عز وجل: " فعلنا، وأمَرنا، وخلقنا، وقضينا ". فيقولون: " لو كان واحدًا ما قال: إلا " فعلت، وأمرتُ وقضيتُ، وخلقت "، ولكنه هو وعيسى ومريم ".
ففي كل ذلك من قولهم قد نـزل القرآن، وذكر الله لنبيه صلى الله عليه وسلم فيه قولهم.
فلما كلمه الحبران قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسلما! قالا قد أسلمنا. قال: إنكما لم تسلما، فأسلما! قالا بَلى قد أسلمنا قَبلك! قال: كذبتما، يمنعكما من الإسلام دعاؤكما لله عز وجل ولدًا، وعبادتكما الصليبَ، وأكلكما الخنـزير. قالا فمنْ أبوه يا محمد؟ فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما فلم يجبهما، فأنـزل الله في ذلك من قولهم واختلاف أمرهم كله، صدرَ" سورة آل عمران " إلى بضع وثمانين آية منها. فقال: " الم * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ " ، (23) فافتتح السورة بتبرئته نفسَه تبارك وتعالى مما قالوا، (24) وتوحيده إياها بالخلق والأمر، لا شريك له فيه = رَدًّا عليهم ما ابتدعوا من الكفر، (25) وجعلوا معه من الأنداد = واحتجاجًا عليهم بقولهم في صاحبهم، ليعرّفهم بذلك ضلالتهم، فقال: " اللهُ لا إله إلا هو "، أي: ليس معه شريك في أمره. (26)
6544 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: " الم * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ " ، قال: إنّ النصارى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخاصموه في عيسى ابن مريم وقالوا له: من أبوه؟ وقالوا على الله الكذبَ والبهتانَ، لا إله إلا هو لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: ألستم تعلمون أنه لا يكون ولدٌ إلا وهو يشبه أباه؟ قالوا: بلى! قال: ألستم تعلمون أن ربَّنا حيّ لا يموت، وأنّ عيسى يأتي عليه الفناء؟ قالوا: بلى! قال: ألستم تعلمون أن ربنا قَيِّمٌ على كل شيء يكلأهُ ويحفظه ويرزقه؟ قالوا: بلى! قال: فهل يملك عيسى من ذلك شيئًا؟ قالوا: لا! قال: أفلستم تعلمون أن الله عز وجل لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء؟ قالوا: بلى! قال: فهل يعلم عيسى من ذلك شيئًا إلا ما عُلِّم؟ قالوا: لا! قال: فإنّ ربنا صوّر عيسى في الرحم كيف شاء، فهل تعلمون ذلك؟ قالوا: بلى! (27) قال: ألستم تعلمون أن ربنا لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب ولا يُحدِث الحدَث؟ قالوا: بلى! قال: ألستم تعلمون أن عيسى حملته أمه كما تحمل المرأة، (28) ثم وضعته كما تضع المرأة ولدها، ثم غُذِّي كما يغذّى الصبيّ، ثم كان يَطعم الطعام، ويشرب الشرابَ ويُحدث الحدَث؟ قالوا بلى! قال: فكيف يكون هذا كما زعمتم؟ قال: فعرفوا، ثم أبوا إلا جحودًا، فأنـزل الله عز وجل: " الم * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ".
* * *
القول في تأويل قوله : الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2)
قال أبو جعفر: اختلفت القرَأةُ في ذلك.
فقرأته قرأة الأمصار (الْحَيُّ الْقَيُّوم).
وقرأ ذلك عمر بن الخطاب وابن مسعود فيما ذكر عنهما: ( الْحَيُّ الْقَيُّومُ ).
* * *
وذكر عن علقمة بن قيس أنه كان يقرأ: ( الْحَيُّ الْقَيِّمُ ).
6545 - حدثنا بذلك أبو كريب قال، حدثنا عثام بن علي قال، حدثنا الأعمشُ، عن إبراهيم، عن أبي معمر قال، سمعت علقمة يقرأ: " الحيّ القيِّم ".
قلتُ: أنت سمعته؟ قال: لا أدري.
6546 - حدثنا أبو هشام الرفاعي قال، حدثنا وكيع قال، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن أبي معمر، عن علقمة مثله.
* * *
وقد روى عن علقمة خلاف ذلك، وهو ما:-
6547 - حدثنا أبو هشام قال، حدثنا عبد الله قال، حدثنا شيبان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن أبي معمر، عن علقمة أنه قرأ: " الحيّ القيَّام ".
قال أبو جعفر: والقراءة التي لا يجوز غيرها عندنا في ذلك، ما جاءت به قَرَأة المسلمين نقلا مستفيضًا، عن غير تشاعُر ولا تواطؤ، وراثةً، (29) وما كان مثبتًا في مصاحفهم، وذلك قراءة من قرأ، " الحي القيُّومُ" .
* * *
القول في تأويل قوله : الْحَيُّ
اختلف أهل التأويل في معنى قوله: " الحيّ ". (30)
فقال بعضهم: معنى ذلك من الله تعالى ذكره: أنه وصف نفسه بالبقاء، ونفى الموتَ - الذي يجوز على من سواه من خلقه - عنها.
ذكر من قال ذلك:
6548 - حدثنا محمد بن حميد قال، حدثنا سلمة بن الفضل قال، حدثني محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: " الحي"، الذي لا يموت، وقد مات عيسى وصُلب في قولهم = يعني في قول الأحْبار الذين حاجُّوا رَسول الله صلى الله عليه وسلم من نصارى أهل نجران. (31)
6549 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله: " الحي"، قال: يقول: حي لا يموتُ.
* * *
وقال آخرون: معنى " الحي"، الذي عناه الله عز وجل في هذه الآية، ووصف به نفسه: أنه المتيسِّر له تدبير كل ما أراد وشاء، لا يمتنع عليه شيء أراده، وأنه ليس كمن لا تدبير له من الآلهة والأنداد.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: أن له الحياةَ الدائمة التي لم تَزَل له صفةً، ولا تزال كذلك. وقالوا، إنما وصف نفسه بالحياة، لأن له حياة = كما وصفها بالعلم، لأن لها علمًا = وبالقدرة، لأن لها قدرةٌ.
* * *
قال أبو جعفر: ومعنى ذلك عندي: (32) أنه وصف نفسه بالحياة الدائمة التي لا فناءَ لها ولا انقطاع، ونفى عنها ما هو حالٌّ بكل ذي حياة من خلقه من الفناء وانقطاع الحياة عند مجيء أجله. فأخبر عبادَه أنه المستوجب على خلقه العبادة والألوهة، والحي الذي لا يموت ولا يبيد، كما يموت كل من اتخذ من دونه ربًّا، ويبيد كلُّ من ادعى من دونه إلهًا. واحتج على خلقه بأن من كان يبيد فيزول ويموت فيفنى، فلا يكون إلهًا يستوجب أن يعبد دون الإله الذي لا يبيد ولا يموت = وأنّ الإله، هو الدائم الذي لا يموت ولا يبيد ولا يفنى، وذلك الله الذي لا إله إلا هو.
* * *
القول في تأويل قوله : الْقَيُّومُ
قال أبو جعفر: قد ذكرنا اختلاف القرأة في ذلك، والذي نختار منه، وما العلة التي من أجلها اخترنا ما اخترنا من ذلك.
* * *
فأما تأويل جميع الوجوه التي ذكرنا أنّ القرَأة قرأت بها، فمتقارب. ومعنى ذلك كله: القيّم بحفظ كل شيء ورزقه وتدبيره وتصريفه فيما شاء وأحبّ من تغيير وتبديل وزيادة ونقص، كما:-
6550 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى بن ميمون قال، حدثنا ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله جل ثناؤه: " الْحَيُّ الْقَيُّومُ" ، قال: القائم على كل شيء.
6551 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
6552 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: " القيوم "، قيِّم على كل شيء يكلأه ويحفظه ويرزقه.
* * *
وقال آخرون: " معنى ذلك: القيام على مكانه ". ووجَّهوه إلى القيام الدائم الذي لا زوالَ معه ولا انتقال، وأنّ الله عز وجل إنما نفى عن نفسه بوَصفها بذلك، التغيُّرَ والتنقلَ من مكان إلى مكان، وحدوثَ التبدّل الذي يحدث في الآدميين وسائر خلقه غيرهم.
ذكر من قال ذلك:
6553 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: " القيوم "، القائم على مكانه من سلطانه في خلقه لا يزول، وقد زال عيسى في قولهم = يعني في قول الأحْبار الذين حاجوا النبي صلى الله عليه وسلم من أهل نجران في عيسى = عن مكانه الذي كان به، وذهب عنه إلى غيره. (33)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين بالصواب ما قاله مجاهد والربيع، وأنّ ذلك وصفٌ من الله تعالى ذكره نفسه بأنه القائم بأمر كل شيء، في رزقه والدفع عنه، وكلاءَته وتدبيره وصرفه في قدرته = من قول العرب: " فلان قائم بأمر هذه البلدة "، يعنى بذلك: المتولي تدبيرَ أمرها.
فـ" القيوم " = إذ كان ذلك معناه =" الفيعول " من قول القائل: " الله يقوم بأمر خلقه ". وأصله " القيووم "، غير أن " الواو " الأولى من " القيووم " لما سبقتها " ياء " ساكنة وهي متحركة، قلبت " ياء "، فجعلت هي و " الياء " التي قبلها " ياء " مشدّدة. لأن العرب كذلك تفعل بـ" الواو " المتحركة إذا تقدمتها " ياء " ساكنة. (34)
* * *
وأما " القيَّام "، فإن أصله " القيوام "، وهو " الفيعال " من " قام يقوم "، سبقت " الواو " المتحركة من " قيوام "" ياء " ساكنة، فجعلتا جميعًا " ياء " مشدّدة.
ولو أن " القيوم "" فَعُّول "، كان " القوُّوم "، ولكنه " الفيعول ". وكذلك " القيّام "، لو كان " الفعَّال "، لكان " القوَّام "، كما قيل: " الصوّام والقوّام "، وكما قال جل ثناؤه: كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ [سورة المائدة: 8]، ولكنه " الفيعال "، فقيل: " القيام ".
* * *
وأما " القيِّم "، فهو " الفيعل " من " قام يقوم "، سبقت " الواو " المتحركة " ياء " ساكنة، فجعلتا " ياء " مشددة، كما قيل: " فلان سيدُ قومه " من " ساد يسود "، و " هذا طعام جيد " من " جاد يجود "، وما أشبه ذلك.
* * *
وإنما جاء ذلك بهذه الألفاظ، لأنه قصد به قصدَ المبالغة في المدح، فكان " القيوم " و " القيّام " و " القيم " أبلغ في المدح من " القائم "، وإنما كان عمر رضي الله عنه يختار قراءته، إن شاء الله،" القيام "، لأنّ ذلك الغالب على منطق أهل الحجاز في ذوات الثلاثة من " الياء "" الواو "، فيقولون للرجل الصوّاغ: " الصيّاغ "، ويقولون للرجل الكثير الدّوران: " الدَّيار ". (35) وقد قيل إن قول الله جل ثناؤه: لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا [سورة نوح: 26] إنما هو " دوّار "،" فعَّالا " من " دار يَدُور "، ولكنها نـزلت بلغة أهل الحجاز، وأقِرّت كذلك في المصحف.
_________________
الهوامش :
(4) سياق العبارة: "أخبر عباده أن الألوهية خاصة به... احتجاجًا منه تعالى ذكره عليهم".
(5) قوله: "ومعرفًا" ، في المطبوعة والمخطوطة"ومعرف" ، والصواب نصبها ، لأن سياق الجملة"أخبر عباده أن الألوهية خاصة به... معرفًا من كان من خلقه..." ، أما الواو العاطفة في قوله: "ومعرفًا" ، فليست تعطف"معرفًا" على"احتجاجًا" فهذا غير جائز ، بل هي عاطفة على جملة"أخبر عباده..." ، كأنه قال"وأخبرهم ذلك معرفًا".
(6) السياق"ومعرفًا من كان من خلقه... مقيما على عبادة وثن. . .".
(7) الإلاهة: عبادة إله ، كما سلف في تفسيره 1: 124.
(8) في المطبوعة: "ومتخذته دون مالكه..." ، وهو لا يستقيم ، وقد أشكل عليه قوله قبل"التي كانت بنو آدم مقيمة على عبادته" ، فظن هذا معطوفا عليه ، وهو خطأ مفسد للسياق ، بل هو معطوف على قوله: "مقيما على عبادة وثن".
(9) سياق الجملة: "ومعرفًا من كان من خلقه... مقيما على عبادة وثن... أنه مقيم على ضلالة...".
(10) في المطبوعة: "ومنعزل" وهو خطأ ، لم يحسن قراءة المخطوطة ، وهي فيها غير منقوطة ، والدال شبيهة بالراء!! وانعدل عن الطريق: مال عنه وانحرف. يقال: عدل عن الشيء: حاد ، وعدل عن الطريق: جار ومال واعوج سبيله.
(11) في المطبوعة والمخطوطة: "نيفًا وثلاثين آية" ، وهو خطأ صرف ، فالتنزيل بين عدده ، والأثر التالي فيه ذكر العدد صريحًا"... إلى بضع وثمانين آية".
(12) في المطبوعة: "لرسول الله..." ، وأثبت ما في المخطوطة.
(13) في ابن هشام: "وفد نصارى نجران". ثمال القوم: عمادهم وغياثهم ومطعمهم وساقيهم والقائم بأمرهم في كل ذلك.
(14) في ابن هشام: "وفد نصارى نجران". ثمال القوم: عمادهم وغياثهم ومطعمهم وساقيهم والقائم بأمرهم في كل ذلك.
(15) المدراس (بكسر الميم وسكون الدال): هو البيت الذي يدرسون فيه كتبهم ، ويعني بقوله: "صاحب مدراسهم" ، عالمهم الذي درس الكتب ، يفتيهم ويتكلم بالحجة في دينهم.
(16) في المطبوعة: "في دينه" ، وأثبت ما في المخطوطة وابن هشام. وقد أسقط الطبري من روايته هنا عن ابن إسحاق ، ما أثبته ابن هشام في السيرة 2: 222-223 ، كما سيأتي في التخريج.
(17) في ابن هشام: "فلما قدموا...".
(18) ما بين القوسين زيادة لا بد منها ، من نص ابن هشام. والحبرات (بكسر الحاء وفتح الباء) جمع حبرة (بكسر الحاء وفتح الباء): وهو ضرب موشى من برود اليمن منمر ، وهو من جياد الثياب.
(19) في المطبوعة والمخطوطة: "وخويلد بن عمرو" ، وهو خطأ ، صوابه من ابن هشام.
(20) في المطبوعة والمخطوطة: "وهو من النصرانية" ، والصواب من ابن هشام.
(21) في ابن هشام: "ولنجعله آية للناس" ، كنص الآية.
(22) في المطبوعة: "بشيء لم يصنعه..." ، وهو كلام فاسد ، والصواب من المخطوطة. وفي ابن هشام: "وهذا لم يصنعه...".
(23) في المطبوعة والمخطوطة لم يذكر"ألم" ، وأثبتها من ابن هشام.
(24) في المطبوعة: "بتبرئة نفسه" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وفي ابن هشام: "بتنزيه نفسه".
(25) في المطبوعة والمخطوطة: "وردًا عليه" بواو العطف ، وهو خطأ ، والصواب من ابن هشام.
(26) الأثر: 6543 - في ابن هشام: "ليس معه غيره شريك في أمره". والأثر رواه ابن هشام في سيرته مطولا ، وسيأتي بعد تمامه في الآثار التالية. سيرة ابن هشام 2: 222-225.
(27) في المخطوطة والدر المنثور 2: 3 ما نصه: "فإن ربنا صور عيسى في الرحم كيف شاء قال: ألستم تعلمون أن ربنا لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب" ، إلا أن الدر المنثور قد أسقط"قال" من هذه العبارة. أما البغوي (هامش تفسير ابن كثير) 2: 93: "فإن ربنا صور عيسى في الرحم كيف شاء ، وربنا لا يأكل ولا يشرب". وتركت ما في المطبوعة على حاله مخافة أن يكون من نسخة أخرى ، كان فيها هذا.
(28) في المطبوعة والمخطوطة: "أن عيسى حملته امرأة..." والصواب"أمه" ، كما في الدر المنثور والبغوي.
(29) في المطبوعة: "تشاغر" ، بالغين ، وهو خطأ ، وانظر ما سلف: 127 تعليق: 2. وانظر ما قلته عن قوله: "وراثة" فيما سبق ص: 127 تعليق: 3.
(30) انظر تفسير: "الحي" فيما سلف 5: 386 ، 387.
(31) الأثر: 6548- سيرة ابن هشام 2: 225 ، وهو من بقية الأثر السالف: 6543.
(32) انظر تفسير"الحي" فيما سلف 5: 386 ، 387.
(33) الأثر: 6553- في المخطوطة والمطبوعة: "عمر بن إسحاق" وهو خطأ بين ، وهذا إسناد أبي جعفر إلى"محمد بن إسحاق" ، الذي يدور في تفسيره. وهذا الخبر تمام الخبرين السالفين: 6543 ، 6548 ، في سيرة ابن هشام 2: 225. وفي المطبوعة والمخطوطة خطأ آخر: "القيام على مكانه" ، مكان"القائم على مكانه" والصواب من سيرة ابن هشام.
(34) انظر ما سلف في تفسير"القيوم": 5: 388 ، 389 ، وهنا زيادة في"القيام" و"القيم" لم يذكرها هناك.
(35) انظر معاني القرآن للفراء 1: 110.