مكية
( والعاديات ضبحا ) قال ابن عباس ، وعطاء ومجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، والكلبي ، وقتادة ، والمقاتلان ، وأبو العالية وغيرهم : هي الخيل العادية في سبيل الله - عز وجل - تضبح ، والضبح : صوت أجوافها إذا عدت .
قال ابن عباس : وليس شيء من الحيوانات تضبح غير الفرس والكلب والثعلب ، وإنما تضبح هذه الحيوانات إذا تغير حالها من تعب أو فزع ، وهو من [ قولهم ] ضبحته النار ، إذا غيرت لونه .
[ وقوله : " ضبحا " نصب على المصدر ، مجازه : والعاديات تضبح ضبحا ] .
وقال علي : هي الإبل في الحج ، تعدو من عرفة إلى المزدلفة ، ومن المزدلفة إلى منى ، وقال إنها نزلت في وقعة بدر ، [ كانت أول غزوة في الإسلام بدرا ] وما كان معنا إلا فرسان ، فرس للزبير وفرس للمقداد بن الأسود فكيف تكون الخيل العاديات ؟ وإلى هذا ذهب ابن مسعود ، ومحمد بن كعب ، والسدي .
وقال بعض من قال : هي الإبل : قوله " ضبحا " يعني ضباحا تمد أعناقها في السير .
( فالموريات قدحا ) قال عكرمة ، وعطاء ، والضحاك ، ومقاتل ، والكلبي ، : هي الخيل توري النار بحوافرها إذا سارت في الحجارة . يعني : والقادحات قدحا يقدحن بحوافرهن .
وقال قتادة : هي الخيل تهيج الحرب ونار العداوة بين فرسانها .
وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس : هي الخيل تغزو في سبيل الله ثم تأوي بالليل [ إلى مأواها ] فيورون نارهم ، ويصنعون طعامهم .
وقال مجاهد ، وزيد بن أسلم : هي مكر الرجال ، يعني رجال الحرب ، والعرب تقول إذا أراد الرجل أن يمكر بصاحبه : أما والله لأقدحن لك ثم لأورين لك .
وقال محمد بن كعب : هي النيران تجتمع .
( فالمغيرات صبحا ) هي الخيل تغير بفرسانها ، على العدو عند الصباح ، هذا قول أكثر المفسرين . وقال القرظي : هي الإبل تدفع بركبانها يوم النحر من جمع إلى منى ، والسنة أن لا تدفع [ بركبانها يوم النحر ] حتى تصبح والإغارة سرعة السير ، ومنه قولهم : أشرق ثبير كيما نغير .
( فأثرن به ) أي هيجن بمكان [ سيرهن ] كناية عن غير مذكور ، لأن المعنى مفهوم ، ( نقعا ) غبارا ، والنقع : الغبار .
( فوسطن به جمعا ) أي دخلن به وسط جمع العدو ، وهم الكتيبة يقال : وسطت ، القوم بالتخفيف ، ووسطتهم ، بالتشديد ، وتوسطهم بالتشديد ، كلها بمعنى واحد . قال القرظي : [ هي الإبل توسط بالقوم ] يعني جمع منى ، [ هذا موضع القسم ] ، أقسم الله بهذه الأشياء .
( إن الإنسان لربه لكنود ) قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة : " لكنود " : لكفور جحود لنعم الله تعالى . قال الكلبي : هو بلسان مضر وربيعة الكفور ، وبلسان كندة وحضرموت العاصي .
وقال الحسن : هو الذي يعد المصائب وينسى النعم . وقال عطاء : هو الذي لا يعطي في النائبة مع قومه .
وقال أبو عبيدة : هو قليل الخير ، والأرض الكنود : التي لا تنبت شيئا .
وقال الفضيل بن عياض : " الكنود " الذي أنسته الخصلة ، الواحدة من الإساءة الخصال الكثيرة من الإحسان ، و " الشكور " : الذي أنسته الخصلة الواحدة من الإحسان الخصال الكثيرة من الإساءة .
( وإنه على ذلك لشهيد ) قال [ أكثر المفسرين ] : وإن الله على كونه كنودا لشاهد . وقال ابن كيسان : الهاء راجعة إلى الإنسان أي : إنه شاهد على نفسه بما يصنع .
( وإنه ) يعني الإنسان ، ( لحب الخير ) أي لحب المال ، ( لشديد ) أي : لبخيل ، أي إنه من أجل حب المال لبخيل . يقال للبخيل : شديد ومتشدد .
وقيل : معناه وإنه لحب الخير لقوي ، أي شديد الحب للخير أي المال .
"أفلا يعلم"، أي: أفلا يعلم هذا الإنسان، "إذا بعثر"، أي: أثير وأخرج، "ما في القبور" من الموتى.
"وحصل ما في الصدور"، أي: ميز وأبرز ما فيها من خير أو شر.
( إن ربهم بهم ) ، [ جمع ] الكناية لأن الإنسان اسم لجنس ، ( يومئذ لخبير ) عالم ، قال الزجاج : إن الله خبير بهم في ذلك اليوم وفي غيره ، ولكن المعنى أنه يجازيهم على كفرهم في ذلك [ اليوم ] .