يقول تعالى ذكره : يخبر الإنسان يومئذ ، يعني يوم يجمع الشمس والقمر فيكوران بما قدم وأخر .
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله : ( بما قدم وأخر ) فقال بعضهم : معنى ذلك : بما قدم من عمل خير ، أو شر أمامه ، مما عمله في الدنيا قبل مماته ، وما أخر بعد مماته من سيئة وحسنة ، أو سيئة يعمل بها من بعده .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر ) يقول : ما عمل قبل موته ، وما سن فعمل به بعد موته .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن عبد الكريم الجزري ، عن زياد بن أبي مريم عن ابن مسعود قال : ( بما قدم ) من عمله ( وأخر ) من سنة عمل بها من بعده من خير أو شر .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : ينبأ الإنسان بما قدم من المعصية ، وأخر من الطاعة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر ) يقول : بما قدم من المعصية ، وأخر من الطاعة ، فينبأ بذلك .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : ينبأ بأول عمله وآخره .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور عن مجاهد ( ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر ) قال : بأول عمله وآخره . [ ص: 62 ]
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .
وحدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد وإبراهيم ، مثله .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : ( بما قدم ) من طاعة ( وأخر ) من حقوق الله التي ضيعها .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم ) من طاعة الله ( وأخر ) مما ضيع من حق الله .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( بما قدم وأخر ) قال : بما قدم من طاعته ، وأخر من حقوق الله .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : بما قدم من خير أو شر مما عمله ، وما أخر مما ترك عمله من طاعة الله .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر ) قال : ما أخر ما ترك من العمل لم يعمله ، ما ترك من طاعة الله لم يعمل به ، وما قدم : ما عمل من خير أو شر .
والصواب من القول في ذلك عندنا ، أن ذلك خبر من الله أن الإنسان ينبأ بكل ما قدم أمامه مما عمل من خير أو شر في حياته ، وأخر بعده من سنة حسنة أو سيئة مما قدم وأخر ، كذلك ما قدم من عمل عمله من خير أو شر ، وأخر بعده من عمل كان عليه فضيعه ، فلم يعمله مما قدم وأخر ، ولم يخصص الله من ذلك بعضا دون بعض ، فكل ذلك مما ينبأ به الإنسان يوم القيامة .