﴿قٓ﴾ تقدم الكلام على نظائرها في بداية سورة البقرة. أقسم الله بالقرآن الكريم لما فيه من المعاني وكثرة الخير والبركة؛ لتبعثنّ يوم القيامة للحساب والجزاء.
لم يكن سببَ رفضهم توقُّعُهم أن تَكْذِبَ فهم يعرفون صدقك، بل تعجبوا أن يأتيهم رسول منذر من جنسهم، وليس من جنس الملائكة، وقالوا مِن تعجُّبهم: مجيء رسول من البشر إلينا شيء عجيب!
أنبعث إذا متنا وصرنا ترابًا؟! ذلك البعث ورجوع الحياة إلى أجسامنا بعدما بليت شيء مستبعد، لا يمكن أن يقع.
قد علمنا ما تأكل الأرض من أجسامهم بعد موتهم وتفنيه، لم يخف علينا منه شيء، وعندنا كتاب حافظ لكل ما يقدره الله عليهم في حياتهم وبعد موتهم.
بل كذب هؤلاء المشركون بالقرآن لما جاءهم به الرسول، فهم في أمر مضطرب، لا يثبتون على شيء بشأنه.
أفلم يتأمل هؤلاء المكذبون بالبعث السماء فوقهم؛ كيف خلقناها وبنيناها وزيناها بما وضعنا فيها من نجوم، وليس لها شقوق تعيبها؟! فالذي خلق هذه السماء لا يعجز عن بعث الموتى أحياء.
والأرض بسطناها صالحة للسكنى عليها، وألقينا فيها جبالًا ثوابت حتى لا تضطرب، وأنبتنا فيها من كل صنف من النبات والشجر حسن المنظر.
خلقنا ذلك كله ليكون تبصرة وتذكيرًا لكل عبد راجع إلى ربه بالطاعة.
ونزلنا من السماء ماءً كثير النفع والخير، فأنبتنا بذلك الماء بساتين، وأنبتنا ما تحصدونه من حب الشعير وغيره.
وأنبتنا به النخل طِوالًا عاليات، لها طلع متراكب بعضه فوق بعض.
أنبتنا ما أنبتنا من ذلك رزقًا للعباد يأكلون منه، وأحيينا به بلدة لا نبات فيها، كما أحيينا بهذا المطر بلدة لا نبات فيها نحيي الموتى، فيخرجون أحياء.
كذبت قبل هؤلاء المكذبين بك - أيها الرسول - أقوام بأنبيائهم، فكذبت قوم نوح وأصحاب البئر، وكذبت ثمود.
وكذبت عاد وفرعون، وقوم لوط.
وكذب قوم شعيب أصحاب الأيكة وقوم تُبَّعٍ ملك اليمن، فثبت عليهم ما وعدهم الله من العذاب.
أفعجزنا عن خلقكم أول مرة حتى نعجز عن بعثكم؟! بل هم في حيرة من خلق جديد بعد خلقهم الأول.