( الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ) ملكا وخلقا ( وله الحمد في الآخرة ) كما هو له في الدنيا ، لأن النعم في الدارين كلها منه .
وقيل : الحمد لله في الآخرة هو حمد أهل الجنة كما قال الله تعالى : " وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن " ( فاطر - 34 ) ، و " الحمد لله الذي صدقنا وعده " ( الزمر - 74 ) . ( وهو الحكيم الخبير )
(يعلم ما يلج في الأرض ) أي : يدخل فيها من الماء والأموات ( وما يخرج منها ) من النبات والأموات إذا حشروا ( وما ينزل من السماء ) من الأمطار ( وما يعرج ) يصعد ) ( فيها ) من الملائكة وأعمال العباد ( وهو الرحيم الغفور)
( وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب ) قرأ أهل المدينة والشام : " عالم " بالرفع على الاستئناف ، وقرأ الآخرون بالجر على نعت الرب ، أي : وربي عالم الغيب ، وقرأ حمزة والكسائي : " علام " على وزن فعال ، وبجر الميم . ) ( لا يعزب ) لا يغيب ( عنه مثقال ذرة ) وزن ذرة ( في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ) أي : من الذرة ( ولا أكبر إلا في كتاب مبين )
(ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك ) يعني : الذين آمنوا ( لهم مغفرة ورزق كريم ) حسن ، يعني : في الجنة .
( والذين سعوا في آياتنا معاجزين ) يحسبون أنهم يفوتوننا ( أولئك لهم عذاب من رجز أليم ) قرأ ابن كثير وحفص ويعقوب : " أليم " بالرفع هاهنا وفي الجاثية على نعت العذاب ، وقرأ الآخرون بالخفض على نعت الرجز ، وقال قتادة : الرجز سوء العذاب .
( ويرى الذين ) أي : ويرى الذين ( أوتوا العلم ) يعني : مؤمني أهل الكتاب : عبد الله بن سلام وأصحابه . وقال قتادة : هم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ( الذي أنزل إليك من ربك ) يعني : القرآن ( هو الحق ) يعني : أنه من عند الله ) ( ويهدي ) يعني : القرآن ( إلى صراط العزيز الحميد ) وهو الإسلام .
( وقال الذين كفروا منكرين للبعث متعجبين منه : هل ندلكم على رجل ينبئكم يعنون محمدا - صلى الله عليه وسلم - إذا مزقتم كل ممزق قطعتم كل تقطيع وفرقتم كل تفريق وصرتم ترابا إنكم لفي خلق جديد يقول لكم : إنكم لفي خلق جديد .
( أفترى ) ألف استفهام دخلت على ألف الوصل ولذلك نصبت ( على الله كذبا أم به جنة ) يقولون : أزعم كذبا أم به جنون ؟ .
قال الله تعالى ردا عليهم : ( بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد ) من الحق في الدنيا .
( أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض ) فيعلموا أنهم حيث كانوا فإن أرضي وسمائي محيطة بهم لا يخرجون من أقطارها ، وأنا القادر عليهم ( إن نشأ نخسف بهم الأرض ) قرأ الكسائي : " نخسف بهم " بإدغام الفاء في الباء ( أو نسقط عليهم كسفا من السماء ) قرأ حمزة والكسائي : " إن يشأ يخسف أو يسقط " ، بالياء فيهن لذكر الله من قبل ، وقرأ الآخرون بالنون فيهن ) ( إن في ذلك ) أي : فيما ترون من السماء والأرض ) ( لآية ) تدل على قدرتنا على البعث ( لكل عبد منيب ) تائب راجع إلى الله بقلبه .
قوله - عز وجل - : ( ولقد آتينا داود منا فضلا ) يعني النبوة والكتاب ، وقيل : الملك . وقيل : جميع ما أوتي من حسن الصوت وتليين الحديد وغير ذلك مما خص به ) ( يا جبال ) أي : وقلنا يا جبال ) ( أوبي ) أي : سبحي ) ( معه ) إذا سبح ، وقيل : هو تفعيل من الإياب وهو الرجوع ، أي : رجعي معه وقال القتيبي : أصله من التأويب في السير ، وهو أن يسير النهار كله وينزل ليلا كأنه قال أوبي النهار كله بالتسبيح معه . وقال وهب : نوحي معه .
) ( والطير ) عطف على موضع الجبال ، لأن كل منادى في موضع النصب . وقيل : معناه : وسخرنا وأمرنا الطير أن تسبح معه ، وقرأ يعقوب : " والطير " بالرفع ردا على الجبال ، أي : أوبي أنت والطير . وكان داود إذا نادى بالناحية أجابته الجبال بصداها وعكفت الطير عليه من فوقه ، فصدى الجبال الذي يسمعه الناس اليوم من ذلك .
وقيل : كان داود إذا تخلل الجبال فسبح الله جعلت الجبال تجاوبه بالتسبيح نحو ما يسبح .
وقيل : كان داود عليه السلام إذا لحقه فتور أسمعه الله تسبيح الجبال تنشيطا له . ( وألنا له الحديد ) حتى كان الحديد في يده كالشمع والعجين يعمل منه ما يشاء من غير نار ولا ضرب مطرقة .
وكان سبب ذلك على ما روي في الأخبار : أن داود عليه السلام لما ملك بني إسرائيل كان من عادته أن يخرج للناس متنكرا ، فإذا رأى رجلا لا يعرفه تقدم إليه وسأله عن داود ويقول له : ما تقول في داود واليكم هذا أي رجل هو ؟ فيثنون عليه ، ويقولون خيرا ، فقيض الله له ملكا في صورة آدمي ، فلما رآه داود تقدم إليه على عادته فسأله ، فقال الملك : نعم الرجل هو لولا خصلة فيه ، فراع داود ذلك وقال : ما هي يا عبد الله ؟ قال : إنه يأكل ويطعم عياله من بيت المال ، قال فتنبه لذلك وسأل الله أن يسبب له سببا يستغني به عن بيت المال ، فيتقوت منه ويطعم عياله ، فألان الله تعالى له الحديد وعلمه صنعة الدرع ، وإنه أول من اتخذها . ويقال : إنه كان يبيع كل درع بأربعة آلاف درهم ، فيأكل ويطعم منها عياله ويتصدق منها على الفقراء والمساكين .
ويقال إنه كان يعمل كل يوم درعا يبيعها بستة آلاف درهم ، فينفق ألفين منها على نفسه وعياله ، ويتصدق بأربعة آلاف على فقراء بني إسرائيل ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كان داود عليه السلام لا يأكل إلا من عمل يده " .
(أن اعمل سابغات ) دروعا كوامل واسعات طوالا تسحب في الأرض ( وقدر في السرد ) والسرد نسج الدروع ، يقال لصانعه : السراد والزراد ، يقول : قدر المسامير في حلق الدرع أي : لا تجعل المسامير دقاقا فتفلت ولا غلاظا فتكسر الحلق ، ويقال : " السرد " المسمار في الحلقة ، يقال : درع مسرودة أي : مسمورة الحلق ، وقدر في السرد اجعله على القصد وقدر الحاجة ( واعملوا صالحا ) يريد : داود وآله ( إني بما تعملون بصير )
( ولسليمان الريح ) أي : وسخرنا لسليمان الريح ، وقرأ أبو بكر عن عاصم : الريح بالرفع أي : له تسخير الريح ( غدوها شهر ورواحها شهر ) أي : سير غدو تلك الريح المسخرة له مسيرة شهر ، وسير رواحها مسيرة شهر ، وكانت تسير به في يوم واحد مسيرة شهرين .
قال الحسن : كان يغدو من دمشق فيقيل باصطخر وبينهما مسيرة شهر ، ثم يروح من اصطخر فيبيت بكابل وبينهما مسيرة شهر للراكب المسرع . وقيل : إنه كان يتغدى بالري ويتعشى بسمرقند .
( وأسلنا له عين القطر ) أي : أذبنا له عين النحاس ، و " القطر " : النحاس .
قال أهل التفسير : أجريت له عين النحاس ثلاثة أيام بلياليهن كجري الماء ، وكان بأرض اليمن ، وإنما ينتفع الناس اليوم بما أخرج الله لسليمان .
( ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ) بأمر ربه ، قال ابن عباس : سخر الله الجن لسليمان وأمرهم بطاعته فيما يأمرهم به ( ومن يزغ ) أي : يعدل ) ( منهم ) من الجن ) ( عن أمرنا ) الذي أمرنا به من طاعة سليمان ( نذقه من عذاب السعير ) في الآخرة ، وقال بعضهم : في الدنيا وذلك أن الله - عز وجل - وكل بهم ملكا بيده سوط من نار فمن زاغ منهم عن أمر سليمان ضربه ضربة أحرقته .
( يعملون له ما يشاء من محاريب ) أي : مساجد ، والأبنية المرتفعة ، وكان مما عملوا له بيت المقدس ابتدأه داود ورفعه قدر قامة رجل ، فأوحى الله إليه إني لم أقض ذلك على يدك ولكن ابن لك أملكه بعدك اسمه سليمان أقضي تمامه على يده ، فلما توفاه الله استخلف سليمان فأحب إتمام بناء بيت المقدس ، فجمع الجن والشياطين وقسم عليهم الأعمال فخص كل طائفة منهم بعمل يستخلصها له ، فأرسل الجن والشياطين في تحصيل الرخام والمها الأبيض من معادنه ، وأمر ببناء المدينة بالرخام والصفاح ، وجعلها اثني عشر ربضا ، وأنزل كل ربض منها سبطا من الأسباط ، وكانوا اثني عشر سبطا ، فلما فرغ من بناء المدينة ابتدأ في بناء المسجد فوجه الشياطين فرقا فرقا يستخرجون الذهب والفضة والياقوت من معادنها والدر الصافي من البحر ، وفرقا يقلعون الجواهر والحجارة من أماكنها ، وفرقا يأتونه بالمسك والعنبر وسائر الطيب من أماكنها ، فأتى من ذلك بشيء لا يحصيه إلا الله - عز وجل - ، ثم أحضر الصناعين وأمرهم بنحت تلك الحجارة المرتفعة وتصييرها ألواحا وإصلاح تلك الجواهر وثقب اليواقيت واللآلىء ، فبنى المسجد بالرخام الأبيض والأصفر والأخضر وعمده بأساطين المها الصافي وسقفه بألواح الجواهر الثمينة وفصص سقوفه وحيطانه باللآلىء واليواقيت وسائر الجواهر ، وبسط أرضه بألواح الفيروز فلم يكن يومئذ في الأرض بيت أبهى ولا أنور من ذلك المسجد ، وكان يضيء في الظلمة كالقمر ليلة البدر ، فلما فرغ منه جمع إليه أحبار بني إسرائيل فأعلمهم أنه بناه لله - عز وجل - ، وأن كل شيء فيه خالص لله ، واتخذ ذلك اليوم الذي فرغ منه عيدا .
وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لما فرغ سليمان من بناء بيت المقدس سأل ربه ثلاثا فأعطاه اثنين ، وأنا أرجو أن يكون أعطاه الثالثة ، سأل حكما يصادف حكمه ، فأعطاه إياه وسأله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده ، فأعطاه إياه ، وسأله أن لا يأتي هذا البيت أحد يصلي فيه ركعتين إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ، وأنا أرجو أن يكون . قد أعطاه ذلك " . .
قالوا : فلم يزل بيت المقدس على ما بناه سليمان حتى غزاه بختنصر فخرب المدينة وهدمها ونقض المسجد ، وأخذ ما كان في سقوفه وحيطانه من الذهب والفضة والدر والياقوت وسائر الجواهر ، فحمله إلى دار مملكته من أرض العراق ، وبنى الشياطين لسليمان باليمن حصونا كثيرة [ عجيبة ] من الصخر .
قوله - عز وجل - : ) ( وتماثيل ) أي : كانوا يعملون له تماثيل ، أي : صورا من نحاس وصفر وشبة وزجاج ورخام . وقيل : كانوا يصورون السباع والطيور . وقيل : كانوا يتخذون صور الملائكة والأنبياء والصالحين في المساجد ليراها الناس فيزدادوا عبادة ، ولعلها كانت مباحة في شريعتهم ، كما أن عيسى كان يتخذ صورا من الطين فينفخ فيها فتكون طيرا [ بإذن الله .
) ( وجفان ) أي : قصاع واحدتها جفنة ) ( كالجواب ) كالحياض التي يجبى فيها الماء ، أي : يجمع ، واحدتها جابية ، يقال : كان يقعد على الجفنة الواحدة ألف رجل يأكلون منها ( وقدور راسيات ) ثابتات لها قوائم لا يحركن عن أماكنها لعظمهن ، ولا ينزلن ولا يعطلن ، وكان يصعد عليها بالسلالم ، وكانت باليمن .
( اعملوا آل داود شكرا ) أي : وقلنا اعملوا آل داود شكرا ، مجازه : اعملوا يا آل داود بطاعة الله شكرا له على نعمه .
( وقليل من عبادي الشكور ) أي : العامل بطاعتي شكرا لنعمتي .
قيل : المراد من " آل داود " هو داود نفسه . وقيل : داود وسليمان وأهل بيته .
وقال جعفر بن سليمان : سمعت ثابتا يقول : كان داود نبي الله عليه السلام قد جزأ ساعات الليل والنهار على أهله فلم تكن تأتي ساعة من ساعات الليل والنهار إلا وإنسان من آل داود قائم يصلي .
(فلما قضينا عليه الموت ) أي : على سليمان .
قال أهل العلم : كان سليمان عليه السلام يتجرد في بيت المقدس السنة والسنتين ، والشهر والشهرين ، وأقل من ذلك وأكثر يدخل فيه طعامه وشرابه ، فأدخله في المرة التي مات فيها ، وكان بدء ذلك أنه كان لا يصبح يوما إلا نبتت في محراب بيت المقدس شجرة ، فيسألها : ما اسمك ؟ فتقول : اسمي كذا ، فيقول : لأي شيء أنت ؟ فتقول : لكذا وكذا ، فيأمر بها فتقطع ، فإن كانت نبتت لغرس غرسها ، وإن كانت لدواء كتب ، حتى نبتت الخروبة ، فقال لها : ما أنت ؟ قالت : الخروبة ، قال : لأي شيء نبت ؟ قالت : لخراب مسجدك ، فقال سليمان : ما كان الله ليخربه وأنا حي ، أنت التي على وجهك هلاكي وخراب بيت المقدس ! فنزعها وغرسها في حائط له ، ثم قال : اللهم عم على الجن موتي حتى يعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب ، وكانت الجن تخبر الإنس أنهم يعلمون من الغيب أشياء ويعلمون ما في غد ، ثم دخل المحراب فقام يصلي متكئا على عصاه فمات قائما وكان للمحراب كوى بين يديه وخلفه ، فكانت الجن يعملون تلك الأعمال الشاقة التي كانوا يعملون في حياته ، وينظرون إليه يحسبون أنه حي ، ولا ينكرون احتباسه عن الخروج إلى الناس لطول صلاته قبل ذلك ، فمكثوا يدأبون له بعد موته حولا كاملا حتى أكلت الأرضة عصا سليمان ، فخر ميتا فعلموا بموته .
قال ابن عباس : فشكرت الجن الأرضة فهم يأتونها بالماء والطين في جوف الخشب ، فذلك قوله : ( ما دلهم على موته إلا دابة الأرض ) وهي الأرضة ( تأكل منسأته ) يعني : عصاه ، قرأ أهل المدينة ، وأبو عمرو : " منساته " بغير همز ، وقرأ الباقون بالهمز ، وهما لغتان ، ويسكن ابن عامر الهمز ، وأصلها من : نسأت الغنم ، أي : زجرتها وسقتها ، ومنه : نسأ الله في أجله ، أي : أخره .
( فلما خر ) أي : سقط على الأرض ( تبينت الجن ) أي : علمت الجن وأيقنت ( أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ) أي : في التعب والشقاء مسخرين لسليمان وهو ميت يظنونه حيا ، أراد الله بذلك أن يعلم الجن أنهم لا يعلمون الغيب ، لأنهم كانوا يظنون أنهم يعلمون الغيب ، لغلبة الجهل . وذكر الأزهري : أن معنى " تبينت الجن " ، أي : ظهرت وانكشفت الجن للإنس ، أي : ظهر أمرهم أنهم لا يعلمون الغيب ، لأنهم كانوا قد شبهوا على الإنس ذلك ، وفي قراءة ابن مسعود ، وابن عباس : تبينت الإنس أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ، أي : علمت الإنس وأيقنت ذلك .
وقرأ يعقوب : " تبينت " بضم التاء وكسر الياء [ أي : أعلمت الإنس الجن ، ذكر بلفظ ما لم يسم فاعله ، " وتبين " لازم ومتعد .
وذكر أهل التاريخ أن سليمان كان عمره ثلاثا وخمسين سنة ، ومدة ملكه أربعون سنة ، وملك يوم ملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، وابتدأ في بناء بيت المقدس لأربع سنين مضين من ملكه .
قوله - عز وجل - : ( لقد كان لسبإ في مسكنهم ) روى أبو سبرة النخعي عن فروة بن مسيك العطيفي ، قال : قال رجل : يا رسول الله أخبرني عن سبأ كان رجلا أو امرأة أو أرضا ؟ قال : " كان رجلا من العرب وله عشرة من الولد ، تيامن منهم ستة ، وتشاءم أربعة ، فأما الذين تيامنوا : فكندة ، والأشعريون ، وأزد ، ومذحج ، وأنمار ، وحمير ، فقال رجل : وما أنمار ؟ قال الذين منهم خثعم وبجيلة : وأما الذين تشاءموا : فعاملة ، وجذام ، ولخم ، وغسان ، وسبأ هو ابن يشجب بن يعرب بن قحطان " .
( في مسكنهم ) قرأ حمزة ، وحفص : " مسكنهم " بفتح الكاف ، على الواحد ، وقرأ الكسائي بكسر الكاف ، وقرأ الآخرون : " مساكنهم " على الجمع ، وكانت مساكنهم بمأرب من اليمن ) ( آية ) دلالة على وحدانيتنا وقدرتنا ، ثم فسر الآية فقال : ) ( جنتان ) أي : هي جنتان بستانان ( عن يمين وشمال ) أي : عن يمين الوادي وشماله . وقيل : عن يمين من أتاهم وشماله ، وكان لهم واد قيل أحاطت الجنتان بذلك الوادي ) ( كلوا ) أي : وقيل لهم كلوا ( من رزق ربكم ) يعني : من ثمار الجنتين ، قال السدي ومقاتل : كانت المرأة تحمل مكتلها على رأسها وتمر بالجنتين فيمتلىء مكتلها من أنواع الفواكه من غير أن تمس شيئا بيدها ( واشكروا له ) أي : على ما رزقكم من النعمة ، والمعنى : اعملوا بطاعته ( بلدة طيبة ) أي : أرض سبأ بلدة طيبة ليست بسبخة ، قال ابن زيد : لم يكن يرى في بلدتهم بعوضة ولا ذباب ولا برغوث ولا عقرب ولا حية ، وكان الرجل يمر ببلدهم وفي ثيابه القمل فيموت القمل كله من طيب الهواء ، فذلك قوله تعالى : ( بلدة طيبة ) أي : طيبة الهواء ( ورب غفور ) قال مقاتل : وربكم إن شكرتموه فيما رزقكم رب غفور للذنوب . )