تفسير
طسم
1
مكية إلا أربع آيات من آخر السورة من قوله ( والشعراء يتبعهم الغاوون ) وروينا عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أعطيت طه والطواسين من [ اللوح المحفوظ ] "
بسم الله الرحمن الرحيم ( طسم ( 1 ) تلك آيات الكتاب المبين ( 2 ) )
( طسم ) قرأ حمزة ، والكسائي ، وأبو بكر : طسم ، و طس ، و حم ، و يس بكسر الطاء والياء والحاء ، وقرأ أهل المدينة بين الفتح والكسر ، وقرأ الآخرون بالفتح على التفخيم ، وأظهر النون في يس عند الميم في " طسم " : أبو جعفر ، وحمزة ، وأخفاها الآخرون . وروي عن عكرمة عن ابن عباس قال : " طسم " عجزت العلماء عن تفسيرها . وروى علي بن أبي طلحة الوالبي عن ابن عباس : أنه قسم ، وهو من أسماء الله تعالى ، وقال قتادة : اسم من أسماء القرآن . وقال مجاهد : اسم للسورة . قال محمد بن كعب القرظي : أقسم الله بطوله وسنائه وملكه .
( تلك ) أي : هذه الآيات ، ( آيات الكتاب المبين )
( لعلك باخع نفسك ) قاتل نفسك ، ( ألا يكونوا مؤمنين ) أي : إن لم يؤمنوا ، وذلك حين كذبه أهل مكة فشق عليه ذلك ، وكان يحرص على إيمانهم ، فأنزل الله هذه الآية . )
( إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين ) قال قتادة : لو شاء الله لأنزل عليهم آية يذلون بها ، فلا يلوي أحد منهم عنقه إلى معصية الله . وقال ابن جريج : معناه : لو شاء الله لأراهم أمرا من أمره ، لا يعمل أحد منهم بعده معصية .
وقوله - عز وجل - : ( خاضعين ) ولم يقل خاضعة وهي صفة الأعناق ، وفيه أقاويل : أحدها : أراد أصحاب الأعناق ، فحذف الأصحاب وأقام الأعناق مقامهم ، لأن الأعناق إذا خضعت فأربابها خاضعون ، فجعل الفعل أولا للأعناق ، ثم جعل خاضعين للرجال . وقال الأخفش : رد الخضوع على المضمر الذي أضاف الأعناق إليه . وقال قوم : ذكر الصفة لمجاورتها المذكر ، وهو قوله " هم " على عادة العرب في تذكير المؤنث إذا أضافوه إلى مذكر ، وتأنيث المذكر إذا أضافوه إلى مؤنث . وقيل : أراد فظلوا خاضعين فعبر بالعنق عن جميع البدن ، كقوله : ذلك بما قدمت يداك ( الحج - 10 ) و ألزمناه طائره في عنقه " ( الإسراء - 13 ) . وقال مجاهد : أراد بالأعناق الرؤساء والكبراء ، أي : فظلت كبراؤهم خاضعين . وقيل : أراد بالأعناق الجماعات ، يقال : جاء القوم عنقا عنقا ، أي : جماعات وطوائف . وقيل : إنما قال خاضعين على وفاق رءوس الآي ليكون على نسق واحد .
( وما يأتيهم من ذكر ) وعظ وتذكير ، ( من الرحمن محدث ) أي : محدث إنزاله ، فهو محدث في التنزيل . قال الكلبي : كلما نزل شيء من القرآن بعد شيء فهو أحدث من الأول ، ( إلا كانوا عنه معرضين ) أي : عن الإيمان به . )
( فقد كذبوا فسيأتيهم ) أي : فسوف يأتيهم ، ) ( أنباء ) أخبار وعواقب ، ) ( ما كانوا به يستهزئون )
( أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج ) صنف وضرب ، ) ( كريم ) حسن من النبات مما يأكل الناس والأنعام ، يقال : نخلة كريمة إذا طاب حملها ، وناقة كريمة إذا كثر لبنها . قال الشعبي : الناس من نبات الأرض فمن دخل الجنة فهو كريم ، ومن دخل النار فهو لئيم )
( إن في ذلك ) الذي ذكرت ، ) ( لآية ) دلالة على وجودي وتوحيدي وكمال قدرتي ، ( وما كان أكثرهم مؤمنين ) مصدقين ، أي : سبق علمي فيهم أن أكثرهم لا يؤمنون . وقال سيبويه : " كان " هاهنا صلة ، مجازه : وما أكثرهم مؤمنين .
( وإن ربك لهو العزيز ) العزيز بالنقمة من أعدائه ، ) ( الرحيم ) ذو الرحمة بأوليائه .
قوله - عز وجل - : ) ( وإذ نادى ربك موسى ) واذكر يا محمد إذ نادى ربك موسى حين رأى الشجرة والنار ، ( أن ائت القوم الظالمين ) يعني : الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعصية ، وظلموا بني إسرائيل باستعبادهم وسومهم سوء العذاب .
( قوم فرعون ألا يتقون ) ألا يصرفون عن أنفسهم عقوبة الله بطاعته . )
( قال ) يعني موسى ، ( رب إني أخاف أن يكذبون )
( ويضيق صدري ) من تكذيبهم إياي ، ) ( ولا ينطلق لساني ) قال هذا للعقدة التي كانت على لسانه ، قرأ يعقوب " ويضيق " ، " ولا ينطلق " بنصب القافين على معنى وأن يضيق ، وقرأ العامة برفعهما ردا على قوله : " إني أخاف " ، ( فأرسل إلى هارون ) ليؤازرني ويظاهرني على تبليغ الرسالة .
( ولهم علي ذنب ) أي : دعوى ذنب ، وهو قتله القبطي ، ( فأخاف أن يقتلون ) أي : يقتلونني به . )
( قال ) الله تعالى ، ) ( كلا ) أي : لن يقتلوك ، ( فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون ) سامعون ما يقولون ، ذكر " معكم " بلفظ الجمع ، وهما اثنان ، أجراهما مجرى الجماعة . وقيل : أراد معكما ومع بني إسرائيل نسمع ما يجيبكم فرعون .