يقول [ الله ] تعالى : وإذا لقي هؤلاء المنافقون المؤمنين قالوا : ( آمنا ) أي : أظهروا لهم الإيمان والموالاة والمصافاة ، غرورا منهم للمؤمنين ونفاقا ومصانعة وتقية ، وليشركوهم فيما أصابوا من خير ومغنم ، ( وإذا خلوا إلى شياطينهم ) يعني : وإذا انصرفوا وذهبوا وخلصوا إلى شياطينهم . فضمن ( خلوا ) معنى انصرفوا ؛ لتعديته ب " إلى " ، ليدل على الفعل المضمر والفعل الملفوظ به . ومنهم من قال : " إلى " هنا بمعنى " مع " ، والأول أحسن ، وعليه يدور كلام ابن جرير .
وقال السدي عن أبي مالك : ( خلوا ) يعني : مضوا ، و ( شياطينهم ) يعني : سادتهم وكبراءهم ورؤساءهم من أحبار اليهود ورءوس المشركين والمنافقين .
قال السدي في تفسيره ، عن أبي مالك وعن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة عن ابن مسعود ، عن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : ( وإذا خلوا إلى شياطينهم ) يعني : هم رءوسهم من الكفر .
وقال الضحاك عن ابن عباس : وإذا خلوا إلى أصحابهم ، وهم شياطينهم .
وقال محمد بن إسحاق ، عن محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( وإذا خلوا إلى شياطينهم ) من يهود ، الذين يأمرونهم بالتكذيب وخلاف ما جاء به الرسول .
وقال مجاهد : ( وإذا خلوا إلى شياطينهم ) إلى أصحابهم من المنافقين والمشركين .
وقال قتادة : ( وإذا خلوا إلى شياطينهم ) قال : إلى رءوسهم ، وقادتهم في الشرك ، والشر .
وبنحو ذلك فسره أبو مالك ، وأبو العالية والسدي ، والربيع بن أنس .
قال ابن جرير : وشياطين كل شيء مردته ، وتكون الشياطين من الإنس والجن ، كما قال تعالى : ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) [ الأنعام : 112 ] .
وفي المسند عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعوذ بالله من شياطين الإنس والجن . فقلت : يا رسول الله ، وللإنس شياطين ؟ قال : نعم .
وقوله تعالى : ( قالوا إنا معكم ) قال محمد بن إسحاق ، عن محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة ، أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : أي : إنا على مثل ما أنتم عليه ( إنما نحن مستهزئون ) أي : إنما نحن نستهزئ بالقوم ونلعب بهم .
وقال الضحاك ، عن ابن عباس : قالوا إنما نحن مستهزئون ساخرون بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .
وكذلك قال الربيع بن أنس ، وقتادة .