تفسير سورة النجم تفسير السعدي

تفسير سورة النجم بواسطة تفسير السعدي هذا ما سنستعرض بإذن الله سويًا ،هي سورة مكية وجاء ترتيبها 53 في المصحف الكريم وعدد آياتها 62. كما يمكنكم الاستماع لتفسير سورة النجم صوت mp3 مع إمكانية تحميله

تفسير آيات سورة النجم

استماع تفسير سورة النجم MP3

تفسير وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ 1

يقسم تعالى بالنجم عند هويه أي: سقوطه في الأفق في آخر الليل عند إدبار الليل وإقبال النهار، لأن في ذلك من آيات الله العظيمة، ما أوجب أن أقسم به، والصحيح أن النجم، اسم جنس شامل للنجوم كلها، وأقسم بالنجوم على صحة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الوحي الإلهي، لأن في ذلك مناسبة عجيبة، فإن الله تعالى جعل النجوم زينة للسماء، فكذلك الوحي وآثاره زينة للأرض، فلولا العلم الموروث عن الأنبياء، لكان الناس في ظلمة أشد من الليل البهيم.

تفسير مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ 2

والمقسم عليه، تنزيه الرسول صلى الله عليه وسلم عن الضلال في علمه، والغي في قصده، ويلزم من ذلك أن يكون مهتديا في علمه، هاديا، حسن القصد، ناصحا للأمة بعكس ما عليه أهل الضلال من فساد العلم، وفساد القصد
وقال { صَاحِبُكُمْ } لينبههم على ما يعرفونه منه، من الصدق والهداية، وأنه لا يخفى عليهم أمره .

تفسير وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ 3

{ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى } أي: ليس نطقه صادرا عن هوى نفسه

تفسير إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ 4

{ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } أي: لا يتبع إلا ما أوحى الله إليه من الهدى والتقوى، في نفسه وفي غيره.
ودل هذا على أن السنة وحي من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: { وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } وأنه معصوم فيما يخبر به عن الله تعالى وعن شرعه، لأن كلامه لا يصدر عن هوى، وإنما يصدر عن وحي يوحى.

تفسير عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ 5

ثم ذكر المعلم للرسول صلى الله عليه وسلم، وهو جبريل [عليه السلام]، أفضل الملائكة [الكرام] وأقواهم وأكملهم، فقال: { عَلَّمَهُ [شَدِيدُ الْقُوَى] } أي: نزل بالوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام، { شديد القوى } أي: شديد القوة الظاهرة والباطنة، قوي على تنفيذ ما أمره الله بتنفيذه، قوي على إيصال الوحي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنعه من اختلاس الشياطين له، أو إدخالهم فيه ما ليس منه، وهذا من حفظ الله لوحيه، أن أرسله مع هذا الرسول القوي الأمين.

تفسير ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَىٰ 6

{ ذُو مِرَّةٍ } أي: قوة، وخلق حسن، وجمال ظاهر وباطن.
{ فَاسْتَوَى } جبريل عليه السلام

تفسير وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَىٰ 7

{ وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى } أي: أفق السماء الذي هو أعلى من الأرض، فهو من الأرواح العلوية، التي لا تنالها الشياطين ولا يتمكنون من الوصول إليها.

تفسير ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ 8

{ ثُمَّ دَنَا } جبريل من النبي صلى الله عليه وسلم، لإيصال الوحي إليه. { فَتَدَلَّى } عليه من الأفق الأعلى

تفسير فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ 9

{ فَكَانَ } في قربه منه { قَابَ قَوْسَيْنِ } أي: قدر قوسين، والقوس معروف، { أَوْ أَدْنَى } أي: أقرب من القوسين، وهذا يدل على كمال المباشرة للرسول صلى الله عليه وسلم بالرسالة، وأنه لا واسطة بينه وبين جبريل عليه السلام.

تفسير فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ 10

{ فَأَوْحَى } الله بواسطة جبريل عليه السلام { إِلَى عَبْدِهِ } محمد صلى الله عليه وسلم { مَا أَوْحَى } أي: الذي أوحاه إليه من الشرع العظيم، والنبأ المستقيم.

تفسير مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ 11

{ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى } أي: اتفق فؤاد الرسول صلى الله عليه وسلم ورؤيته على الوحي الذي أوحاه الله إليه، وتواطأ عليه سمعه وقلبه وبصره، وهذا دليل على كمال الوحي الذي أوحاه الله إليه، وأنه تلقاه منه تلقيا لا شك فيه ولا شبهة ولا ريب، فلم يكذب فؤاده ما رأى بصره، ولم يشك بذلك. ويحتمل أن المراد بذلك ما رأى صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به، من آيات الله العظيمة، وأنه تيقنه حقا بقلبه ورؤيته، هذا [هو] الصحيح في تأويل الآية الكريمة، وقيل: إن المراد بذلك رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم لربه ليلة الإسراء، وتكليمه إياه، وهذا اختيار كثير من العلماء رحمهم الله، فأثبتوا بهذا رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم لربه في الدنيا، ولكن الصحيح القول الأول، وأن المراد به جبريل عليه السلام، كما يدل عليه السياق، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى جبريل في صورته الأصلية [التي هو عليها] مرتين، مرة في الأفق الأعلى، تحت السماء الدنيا كما تقدم، والمرة الثانية فوق السماء السابعة ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم.

تفسير أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ 12

تفسير وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ 13

{ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى } أي: رأى محمد جبريل مرة أخرى، نازلا إليه.

تفسير عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَىٰ 14

{ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى } وهي شجرة عظيمة جدا، فوق السماء السابعة، سميت سدرة المنتهى، لأنه ينتهي إليها ما يعرج من الأرض، وينزل إليها ما ينزل من الله، من الوحي وغيره، أو لانتهاء علم الخلق إليها أي: لكونها فوق السماوات والأرض، فهي المنتهى في علوها أو لغير ذلك، والله أعلم.
فرأى محمد صلى الله عليه وسلم جبريل في ذلك المكان، الذي هو محل الأرواح العلوية الزاكية الجميلة، التي لا يقربها شيطان ولا غيره من الأرواح الخبيثة.

تفسير عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ 15

عند تلك الشجرة { جَنَّةُ الْمَأْوَى } أي: الجنة الجامعة لكل نعيم، بحيث كانت محلا تنتهي إليه الأماني، وترغب فيه الإرادات، وتأوي إليها الرغبات، وهذا دليل على أن الجنة في أعلى الأماكن، وفوق السماء السابعة.